* نجلاء محفوظ
لابد من توجيه تحذير بالغ الأهمية لكل امرأة وحيدة .. ملخصه عند اشتداد إحساسك بالوحدة لا تلجأي للحديث مع زميل في العمل أو أحد الأقارب من الرجال ـ ففي هذا الوقت ـ تكونين في أشد حالات ضعفك الإنساني، ويسهل التأثير عليك استقلالك عاطفياً .. كما أنك توجهين رسالة للطرف الآخر ـ قد لا تقصدين مضمونها غالباً ـ وفحوى هذه الرسالة: إنني أشعر بوحدة قاتلة وأسعى إليك لألتمس الونس العاطفي ليبددها .. وأنا في حاجة شديدة لتواجدك (كرجل) في حياتي ..
والمثير للسخرية أن بعض المطلقات اعترفن أنهن أثناء تضاعف الإحساس بالوحدة فإنهن يقمن بتجريب بعض أرقام الهاتف حتى يعثرن على أحد المعارف مستيقظاً أو متواجداً في المنزل .. وأن الواحدة منهن في بادئ الأمر لم تكن تقصد هذا الشخص بالتحديد، ولكن ببساطة، لأنه الذي موجوداً في هذا الوقت .. وبالطبع يتلقى الرجل الرسالة الضمنية (بسعادة) ويسرف في احتواء المطلقة إنسانياً .. وفي المرة التالية عندما تشعر بالوحدة فإنها تسارع بمحادثته أو بالتوجه إليه .. وتبدأ علاقة عاطفية على أساس شديد الظلم للمطلقة، حيث تتكون هي الطرف الأضعف والأكثر احتياجاً ..
وهنا .. يجب التوقف لحظة للتأكيد بأننا لا نطالب بالمبالغة في الحذر من الكلام مع الرجال .. وأنهم ليسوا أعداء مرتبصين بالمرأة .. ولكننا نؤكد على أهمية إغلاق أبواب الشبهات وعدم منح ضعاف النفوس من الرجال الفرص الذهبية للتسلل داخل نفس المرأة المطلقة والتمكن منها، وإيلامها نفسياً فيما بعد سواء لتزايد طلبات الرجل العاطفية منها ـ وبالطبع ـ كل ذلك في إطار ليس له أية صلة بالسعي الجاد نحو الزواج منها .. وهنا تكون كل الحكمة في منع حدوث ذلك وتذكر أن الوقاية أفضل من العلاج، فلا تسمحي لأحد باستغلال شعورك بالاحتياج العاطفي فيجعلك (أسيرة) لعطائه، ولابد أن تقدري عواطفك ليقدرها الآخرون ولا تستمري في تجربة عاطفية فاشلة منذ بدايتها لحين العثور عن بديل، ففي ذلك استنزاف للنفس وإعاقة للحياة وتعميق لمشاعر الفشل .. وحاولي تدعيم علاقاتك بصديقات في ظروف مشابهة وإن كانت هناك اختلافات كثيرة في التفكير وفي أمور أخرى، ففي بعض الأحيان، تكونين في حاجة للحديث مع أي إنسان، والأفضل في هذه الحالة أن تكون امرأة مثلك .. و (لا تتوقعي) أن تنالي التعاطف و (التدليل) الذي يسعد أي رجل أن (يتطوع) بتقديمه متى وجدك في حالة إحساس متعاظم بالوحدة، فللرجل أسبابه (الواضحة) لهذا التدليل بينما المرأة ليست لديها هذه الدوافع، كما أنها تعاني من أنواع الإحباط .. وفي هذه الحالة يكن من الذكاء الاقتناع بمجرد (الدردشة) في أي مواضيع وإن بدت تافهة، فهذا سيجعلك أكثر قدرة على مواجهة مشاعر الحرمان بعد أن (تشاغلت) عنه بإرادتك .. وفي ذلك قال البوصيري:
والنفس كالطفل إن تهملهُ شبّ على حُب الرضاع وإن تفطمهُ ينفَطمُ
فاصرف هواها وحاذر أن توليه إن الهوى ما تولى يَصم أو يُصمُ
ولذا فعلى المطلقة أن تتجنب (الفضفضة مع الرجال) .. وأن تتعامل دائماً معهم وكأنها امرأة متزوجة فعلاً .ز فهل يليق بامرأة متزوجة أن تحدث رجلاً غير زوجها عن مشاعر الوحدة؟! بالطبع فإن الإجابة بالنفي .. هل يقبل مَن تتحدث معه من الرجال أن تجلس زوجته أو أخته مع رجل لتبث له شكواها من الوحدة؟! وبالطبع فإن الإجابة ستكون بالنفي ـ أيضاً ..
لذا فيجب على كل مطلقة ذكية ألا تضع نفسها في منزلة أقل من التي يقبل بها أي رجل لزوجته أو لأخته أو لابنته، أما إذا فعلت، فيجب فيما بعد ألا تلومن إلا نفسها .. وقد بخست بقيمتها الإنسانية ومن الغباء أن نقلل من شأننا ثم نتوقع من الآخرين أن يعاملوننا بشكل أفضل مما تعاملنا فيه مع أنفسنا.
ومن أسوأ أخطاء المرأة المطلقة هي فقدان الثقة بالنفس سواء في الطلاق أو في علاقات عاطفية .. ولذا نجد مطلقة تستمر في علاقة عاطفية فاشلة يستمرئ فيها الطرف الآخر التلاعب بعواطفها ولا تقوى على إنهاء العلاقة لخوفها من عدم العثور على رجل آخر، أو انتظاراً لوجود رجل آخر في حياتها حتى لا تعاني من الفراغ العاطفي، ولا تعرف أنها بذلك توجه لنفسها أبلغ الإهانات المصحوبة بالأذى النفسي البالغ .. فإذا تعاملت مع نفسها على أنها امرأة يجب أن تتحمل الكثير لكي يتقبلها الرجال فستصل هذه الرسالة للرجل الذي ترتبط به عاطفياً وسيتعامل معها على أساسه ـ وأيضاً ـ من الغباء احتكار الإحساس بالذكاء لأنفسنا، فمن قال أن الرجل الذي ترتبط به المطلقة عاطفياً وتعتبره مرحلة مؤقتة لحين العثور على فرصة أفضل .. من قال أنه لا يفهم ذلك .. وغالباً ما سيتعامل معها بنفس الطريقة ..
وبالطبع .. فإن من الأكرم والأشجع للمرأة في حالة التأكد من فشل الارتباط العاطفي وأنه لن يؤدي إلى الزواج، وعدم تجاهل إحساسها بذلك إلا تخدع نفسها، فمتى شعرت بالخطر فإن عليها الانسحاب بهدوء مع تقليل الإحساس بالألم لأقصى درجة ممكنة.